وفاة الكاتب الكبير محمود السعدني ....


ودعنا منذ أيام عمنا الكاتب الكبير محمود السعدني قمة هرم الكتابة الساخرة في مصر وأحد أهم رموزنا الصحفية والفنية والادبية وقد أسعدني الحظ بالاقتراب منه خاصة بعد ان ازدانت‮ »‬اخبار اليوم‮« ‬لفترة من الوقت‮ ‬بمقالاته‮ ‬الأسبوعية المعروفة بأسم‮ »‬ماذا بعد‮« ‬ثم كنت واحدا من مريديه وتلاميذه الذين يسعدون بلقاءاته في النادي النهري للصحفيين الذي انشأه بجهد شخصي ليكون رئة لابناء المهنة التي وهب حياته لها وذاق من اجلها علي حد تعبيره معاناة العشيق لمعشوقته ومحبوبته التي يذوب فيها عشقا كل ساعات النهار والليل باحلامه وهمومه وآلامه وطموحاته
كان عمنا السعدني هو النموذج الحديث للاسطورة الشعبية او أن صح التعبير هو صورة للبطل الدرامي الذي خرج من رحم هذه الأمة ليكون ضميرا لها ولسان حالها عبر‮ ‬82‮ ‬عاما من الشقاء والحب والانكسارات والانتصارات ومارس مفردات الحياة بكل حلوها ومرها فكان خلالها الولد الشقي الصعلوك الذي ينحاز بعقله وقلبه للشارع وللمستضعفين في الارض فلم يغلق بابه أمام كل من جاء يطرق عليه طالبا العون أو المساندة والمشورة في أمر يخصه وكان رحمة الله عليه يري في هؤلاء البسطاء كل دينته‮.‬
والمتتبع لمشوار عمنا الراحل القدير والعظيم محمود السعدني يجد في كتاباته الساخرة وفي أعماله الفنية وفي مؤلفاته التي تجاوزت الاربعين كتابا أنه يقدم شهادته علي العصر بأسلوب ابن البلد الجريء والشهم والقوي الصريح الذي لم ينحني في حياته سوي لله عز وجل فلم يسعي علي مدي سنوات عمره لتحقيق أية مكاسب شخصية او مادية ولم يكن ضمن دراويش أصحاب السلطة والنفوذ ولم يبيع قلمه او مبادئه حتي في اشد حالات المحن التي جعلته يعيش‮ ‬غريبا لسنوات طويلة عن تراب وطنه وعن أهله وناسه في‮ »‬الجيزة‮« ‬التي عاش ورحل وهو مغرما بشوارعها وحواريها وناسها وأهلها وكل حبة رمل فيها ورفض ان يرحل عنها لاي مكان اخر اكثر رقيا وجمالا ورفاهية يستمتع فيه بقضاء ما تبقي له من سنوات العمر بعد أن أعطي أحلي سنوات حياته لنشر مباديء الحب والخير والجمال واحترام أدمية الانسان وتأمين لقمة العيش الشريفة للناس الغلابة المطحونين والذين لاسند لهم سوي سواعدهم وطموحهم المشروع في الحياة‮.‬
وإذا كنا قدودعنا عمنا محمود السعدني حيث فارقنا جسده فقط فإن افكاره وتراثه الثقافي سوف يظل حيا بيننا لتتعلم منه الاجيال الجديدة وانطلاقا من حبنا ووفاءنا لذكري هذا الانسان النبيل أقترح علي أستاذنا نقيب الصحفيين مكرم محمد أحمد ان تخصص النقابة جائزة سنوية تحمل اسمه تمنح لاحسن كاتب مقال ساخر في‮ ‬الصحافة المصرية‮.‬
ومن ناحية اخري اطالب كل الجهات الانتاجية باتحاد الاذاعة والتليفزيون بضرورة انتاج عمل درامي يروي قصة حياة رمز‮ ‬غال واصيل من ابناء هذه الامة‮ ‬عاش ومات ونبض عروقه يهتف بأسم مصر فحياته ملحمة درامية ثرية وغنية ومثيرة تثري شرايين ووجدان كل صاحب فكر مستنير‮.‬
وعلي الجانب المقابل اقترح علي انس الفقي وزير الاعلام تكريم عمنا محمود السعدني في مهرجان القاهرة للاعلام العربي في القاهرة خلال دورته الجديدة المقبلة‮ ‬تقديرا لعطائه كصاحب تاريخ اعلامي كبير في مصر والعالم العربي‮.‬
وياليت فاروق حسني وزير الثقافة ان يقوم بترشيح محمود السعدني لنيل جائزة مبارك في مجال العلوم والفنون فهو جدير بها‮ .‬
وأتصور ايضا ان يسارع النادي الاسماعيلي بتخليد ذكري محمود السعدني عاشق الاسماعيلية وأحد اهم مشجعي فريقها الكروي باطلاق اسمه علي احدي قاعات هذا الصرح الرياضي العظيم الذي شهد صولات وجولات السعدني ورفاقه من كتيبة البيت العثماني ايام الراحل الكبير المعلم عثمان احمد عثمان والمحافظ الهمام عبدالمنعم عمارة صاحب النقلة الحضارية الرائعة لتلك البقعة الساحرة علي أرض مصر واتمني ان اري تمثالا له‮ ‬يتوسط‮ ‬احد ميادين محافظة الجيزة العريقة التي لم تغب عن عينيه وعقله وقلبه ابدا‮ .‬


منقول
هذا الموضوع كتبته يوم ضمن تصنيف فأن اصبت فمن الله وحده و ان اخطات فمن نفسي و الشيطان . يمكنك نقل اي موضوع من المدونة بشرط ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي للاتصال او الاستفسار عن اي موضوع من هنا.