يا اسطه الحموله زايده

قبل أسبوع تقريبا في طرقة قسم الفلسفة بجامعة القاهرة وجدت إعلانا عن منح بحثية في سلوفاكيا. وقفت أقرأ الإعلان، عقلي يحدثني بأنها ليست الفرصة ولا هي اللحظة، لكن مشاعري تتمنى أن أجد في فقرة ما قرارا بترحيلي قسرا من هذه المدينة.
أنا لا أعلم ما الذي قد يكون جديدا وقبيحا - زيادة - حدث الأسابيع الماضية، ولا يمكن لأحد أن يؤكد أن شيئا ما بعينه حدث، ولكن بالتأكيد هناك شيء ما. لا يمكن أن يكون بلا سبب أن يحدثني كل من أحب عشرتهم عن تفكيرهم في الهجرة وبسرعة لأن المكان لم يعد يطاق، إما بجد أو بسخرية مريرة. والبعض الآخر يخبرني من تلقاء نفسه أنه سيحتمل هذه المدينة رغم كل هذا القرف، وكأن فكرة الابتعاد قد تم طرحها مؤخرا كاستفتاء عام.
هل لذلك علاقة بأن القاهرة هذه الأسابيع بدت وكأنها ديكور مقهى شعبي يشهد تصوير مشهد مبتذل في فيلم عربي قديم، يتشاجر اثنان لسبب تافه فيهب كل اثنين ويمسكان بخناق بعضهما ولو كانا جالسين على طاولة وحدة يتبادلان الحديث الودي قبل ثوان. أحمد شوبير ومرتضى منصور، بلال فضل وفاطمة ناعوت، مدحت شلبي وعلاء صادق، مهدي عاكف ومكتب الإرشاد، الجبهات المتناحرة داخل 6 إبريل - لم أستطع إلى الآن تمييز جانبين بوضوح- رفعت السعيد وأبو العز الحريري، الناشرون والكتاب الشبان. والشابان الذين خلع كل منهما قميصه وغرس أظافره في وجه الآخر وتبادلا السباب بالآباء وأعضاء الأمهات والدين والملة وخدش صدريهما بالآلات الحادة والقذف بالحجارة من مسافة قريبة جدا أو تفتيتها بحقد على الرأس قبل أن يهدهما التعب فينطرحا على الرصيف جبنا إلى جنب للحظات ثم يرتدي كلا منهما قميصه ويمضي وهو يترنح ويتحسس جروحه ويرفع وجهه إلى السماء ألما ويغلق عينيه ويطلق سبابا مركبا يجمع عضو الأم ووصفها بالعاهرة مع سب دينها.
غيظ مكبوت وعنف بلا طائل، مساحات ضيفة ونفوس ضائقة، فظاظة في اللفظ والإيماءة، سوء ظن وانتهاك نظر، قبح منظر وعفن رائحة، إذعان بلا رضا وتسلط بلا ثقة و كبر بلا كبرياء، تجمع بلا اجتماع وافتراق لا يصنع فارقا. اعتياد على القذارة والدناءة والإساءة، أصوات نافرة ومتنافرة وخرائب متناثرة وسافرة، كلام بلا تواصل وسعي بلا وصول، أكوام بلا تراكم وأعداد بلا نظام، زحام بلا حشود وأعداء لا يعرفون بعضهم إلا ساعة مواجهة تبدأ بلا داع وتنتهي بلا معنى.
عندما وقفت مرة أخرى بعد أيام أمام لوحة الإعلانات في نفس الطرقة كان موعد التقدم لنيل المنحة السلوفاكية قد فات. اختفى إعلانها وحل مكانه إعلان منحة أخرى لهونج كونج. وأنا لن أذهب إلى هونج كونج.
هذا الموضوع كتبته يوم ضمن تصنيف فأن اصبت فمن الله وحده و ان اخطات فمن نفسي و الشيطان . يمكنك نقل اي موضوع من المدونة بشرط ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي للاتصال او الاستفسار عن اي موضوع من هنا.